الاصحاح الخامس
يسمي هذا
الإصحاح نشيد الكرم، وهو توبيخ لأهل أورشليم ويهوذا علي خطاياهم وأستخدم التشبيه
مثل كرم َوفرَ الله له كل أسباب النمو والخصب فجاء بثمر ردىء. ثم بين الله ماسينزله
عليهم من عقاب. والثمر الذي ينتظره الرب هو الحياة المقدسة وذبائح الشكر
والتسبيح.
آية (1)
لانشدن عن حبيبي نشيد محبي لكرمه كان لحبيبي كرم على أكمة خصبة.
لأنشدن عن
حبيبي = أي أن النبي ينشد عن لسان الله حبيبه هذا النشيد وهو يستخدم المثل
للشرح ليجعل كلامه مقبولاً لدي الناس فهو سيتكلم كلاماً صعباً وسيقول أن الله
سيرفضهم. ولنلاحظ أن هذا المثل موجه لكل خاطئ في كل زمان. كرم = هو الشعب
اليهودي شعب الله والكنيسة تسمي أيضاً كرم. كرم علي أكمة = الأكمة مكان
مرتفع وأورشليم مرتفعة فالرب رفع شعبه وحملهم علي أجنحة النسور (مز 19 :4) والكنيسة
سماوية مرتفعه خصبة = الكنيسة مخصبة ومثمرة. هكذا يجب أن تكون.
آية (2)
فنقبه و نقى حجارته و غرسه كرم سورق و بني برجا في وسطه و نقر فيه أيضا معصرة
فانتظر أن يصنع عنبا فصنع عنبا رديئا.
نقبه = حرثه
ونزع الشوك والأعشاب الرديئة منه. كرم سورق = سورق أسم وادي فيه أفضل
الكروم، فهم شعب مختار. نقي حجارته طرد من أمامهم الكنعانيين ونقاهم من
العبادة الوثنية. والله بالمعمودية ينتزع منا قلب الحجر ليكون لنا قلب لحم (حز 11
:9) بني برجاً = البرج يكون للمراقبة، لاكتشاف الأعداء، والله أعطاهم خيمة
وهيكل وشريعة وناموس وكهنة ويسيج حولهم وكان لهم سوراً، وأحاطهم برعايته وعنايته
حتي أن نعالهم
لم تبلي
وأباد أعداؤهم من أمامهم. والبرج الآن هو الإتحاد مع الرب يسوع ووجود قيادات روحية
وكنسية. معصرة = لعصر العنب وعمل خمر الحب الذي يقدم للفرح الروحي. لذلك ظن
الناس أن التلاميذ سكارى حين حل عليهم الروح القدس. فأنتظر عنباً = المقصود
أن الله ينتظر منا الثمر، حبنا له مقابل حبه لنا وتوبتنا مقابل غفرانه
لخطايانا.
آية (3) و
الآن يا سكان أورشليم و رجال يهوذا احكموا بيني و بين كرمي.
هذه هي
طريقة الرب أن يكتشف كل واحد خطأه.
آية (4)
ماذا يصنع أيضا لكرمي و أنا لم اصنعه له لماذا إذ انتظرت أن يصنع عنبا صنع عنبا
رديئا.
هنا يترك
لهم الحكم ليفكروا ويحكموا علي أنفسهم ويدينوا أنفسهم.
آية (5)
فالآن أعرفكم ماذا اصنع بكرمي انزع سياجه فيصير للرعي اهدم جدرانه فيصير
للدوس.
الرب هو سور
أورشليم الحقيقي. أنزع سياجه = يمتنع الله عن حمايتها وحينئذ يضر بها
الأعداء ويدوسونها. ولو نزع الله حمايته عن إنسان تدخل حيوانات الشهوة لتدوس قلبه.
والله ينزع حمايته ليدركوا ضعفهم فيلجأوا إليه تائبين، وإذ اقتربوا إليه يقترب
إليهم.
الآيات
(6،7) و اجعله خرابا لا يقضب و لا ينقب فيطلع شوك و حسك و أوصي الغيم أن لا يمطر
عليه مطرا. أن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل و غرس لذته رجال يهوذا فانتظر حقا فاذا
سفك دم و عدلا فاذا صراخ.
أجعله
خراباً = قال السيد المسيح لليهود "هوذا بيتكم يترك لكم خرابا".
لا
ينقب = التنقيب هو حرث الأرض وهذا يشير للتوبة وفحص النفس وهذا عمل الروح
القدس "توبني يا رب فأتوب". والمعني أن الروح القدس لا يعود يعمل. فحين يتوقف
الطبيب عن العلاج يكون حال المريض ميئوس
أي منه
تماماً.
يطلع
شوك = هذه ثمار الانفصال عن الله، أن يفقد الإنسان سلامه. أوصي
الغيم = آي لا تنزل أمطار النعمة الإلهية " وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في
معرفتهم أسلمهم الله لذهن مرفوض" والمطر يشير للروح القدس ومن يحرم من عطية الروح
يحرم من عمل النعمة الإلهية. وآية (7) تشير للمسيح الذي جاء ليهوذا وإنتظر حقاً
فصلبوه وسفكوا دمه قائلين اصلبه اصلبه.
آية (8) ويل
للذين يصلون بيتا ببيت و يقرنون حقلا بحقل حتى لم يبق موضع فصرتم تسكنون وحدكم في
وسط الأرض.
يصلون بيتاً
ببيت = الغني يأخذ بالقوة بيت جاره الفقير كما فعل أخاب بنابوت اليزرعيلي.
وهذا يدل علي انشغال شعب الله بالملك الزمني وأن كل همهم أن لا يكون موضع لسواهم
ليسكن فيه. عيب هؤلاء أنهم لا يقتنعون بشيء فصاروا كالإسكندر الأكبر الذي بعدما قهر
العالم المعروف في ذلك الوقت بكي لأنه لا يجد أرضاً أخري يستولي عليها. حتي لم
يبق موضع = هم إنهمكوا في الشراء ولم يصبح مكان للناس أن يشتروه. لم يترك
الواحد موضعاً لأخيه خاصة الفقير وهذا يدل علي الجشع.
الآيات (9
،10) في أذني قال رب الجنود إلا أن بيوتا كثيرة تصير خرابا بيوتا كبيرة و حسنة بلا
ساكن. لان عشرة فدادين كرم تصنع بثا واحدا و حومر بذار يصنع ايفة.
العقاب
لهؤلاء هو الخراب للبيوت وللحقول، البث = هو مكيال للسوائل يسع 27.5 كجم
تقريبا، والعشرة فدادين يجب أن تنتج 500 بث لا بث واحد. والحومر مكيال للحبوب يسع
282 كجم تقريباً والإيفة عشر الحومر. والمعني أن الحاصل من الأرض يكون عشر الحبوب
التي بذرت فيها. فالعقاب من جنس الخطية. لأن من لم يستعمل خيرات الله كوكيل أمين
فالذي عنده يؤخذ منه.
آية (11)
ويل للمبكرين صباحا يتبعون المسكر للمتأخرين في العتمة تلهبهم
الخمر.
من يسكر
صباحاً هم أشر السكارى وهذه عكس "يا إلهي إليك أبكر " وليس فقط يسكرون صباحاً بل
يظلوا في الشرب والسكر حتي تأتي العتمة ويشتعلون من الخمر. هؤلاء يحاولون أن يحصلوا
علي الفرح بعيداً عن الروحيات.
آية (13) و
صار العود و الرباب و الدف و الناي و الخمر ولائمهم و إلى فعل الرب لا ينظرون و عمل
يديه لا يرون. لذلك سبي شعبي لعدم المعرفة و تصير شرفاؤه رجال جوع و عامته يابسين
من العطش.
العقاب
مناظر للخطية في آية (12) أي الجوع والعطش في مقابل الأكل والشرب. سٌبي شعبي
= قد يكون سبي الجسد أو سبي النفس للشياطين وهذا أقسي من سبي الجسد.
آية (14)
لذلك وسعت الهاوية نفسها و فغرت فاها بلا حد فينزل بهاؤها و جمهورها و ضجيجها و
المبتهج فيها.
الهاوية = هي القبر
أو مكان أرواح الأموات فمن يقضي عمره في اللهو والأكل والشرب ماذا يفعل حين تنتهي
حياته فجأة وهو غير مستعد.
الآيات (15،
16) و يذل الإنسان و يحط الرجل و عيون المستعلين توضع. و يتعالى رب الجنود بالعدل و
يتقدس الإله القدوس بالبر.
أصل الخطية
الكبرياء، ولذلك يذكر كمال نتيجة دمارهم أي ذلهم وانحطاطهم ويتعالي الرب بإظهار
عدله.
آية (17) و
ترعى الخرفان حيثما تساق و خرب السمان تأكلها الغرباء.
ترعي
الخرفان = هم
مساكين الأرض فنبوخذ نصر بعد السبي أخذ كل الشباب الأقوياء كسبايا وترك مساكين
الأرض. ودائماً الله يرعي البقية ولا يتركهم بل يعطيهم أن يأكلوا في هدوء.
وخَرِب السمان = Fat Ones فالبابليين أو أي شعب مستعمر سيستولي علي الخرائب التي تركها
الأغنياء.
آية (18)
ويل للجاذبين الإثم بحبال البطل و الخطية كأنه بربط العجلة.
معناها أن
الشعب ظل مرتبطاً أو رابطاً نفسه بالخطية كما بحبال. لكنها حبال الباطل كحيوان
مربوط إلي عجلة تدفعه وهو ساقط تحت نيرها مغلوباً علي أمره. هو يظن أنه هو المسيطر
علي العجلة ولكنها هي تدفعه. والعربة هي الخطية الثقيلة. وما يجرونه هو نتائج
وعقوبات الخطية وكل سقوط يؤدي إلي سقوط آخر.
آية (19)
القائلين ليسرع ليعجل عمله لكي نرى و ليقرب و يأتي مقصد قدوس إسرائيل
لنعلم.
فيها
استخفاف بالله وهذا من نتائج الانغماس في الخطية "قال الجاهل في قلبه ليس إله".
ليعجل عمله = هي
سخرية
معناها أن الله لم ولن يفعل شيئاً. وهم يقولون قدوس إسرائيل كسخرية حينما سمعوها من
إشعياء كثيراً
(2بط 3 : 4
+ أم 17 : 15 + حز 12 : 22)
آية (20)
ويل للقائلين للشر خيرا و للخير شرا الجاعلين الظلام نورا و النور ظلاما الجاعلين
المر حلوا و الحلو مرا.
هم يخلطون
الحق بالباطل، والخير بالشر والنور بالظلمة، ويعطون الخطية مسحة الفضيلة. وغايتهم
في التحريف محبتهم للخطية.
آية (21)
ويل للحكماء في أعين أنفسهم و الفهماء عند ذواتهم.
الذي أنشغل
بذاتيته لا يشاور الآخرين (أم 26 :12)
آيات (22،
23) ويل للأبطال على شرب الخمر و لذوي القدرة على مزج المسكر. الذين يبررون الشرير
من اجل الرشوة و أما حق الصديقين فينزعونه منهم.
سماهم النبي
هنا أبطالاً كسخرية. وهنا يتكلم عن القضاة ويتهكم عليهم بأنهم ذوي قدرة في
مزج المسكر، فهذا ليس عملهم بل عملهم إعطاء الحق وإنصاف المظلوم، لكنهم تركوا هذا
لأجل الرشوة.
آية (24)
لذلك كما يأكل لهيب النار القش و يهبط الحشيش الملتهب يكون أصلهم كالعفونة و يصعد
زهرهم كالغبار لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود و استهانوا بكلام قدوس
إسرائيل.
أصبحوا بسبب
خطيتهم ذوي عفونة من الداخل واحترقوا من الخارج بنار الأشوريين وغيرهم فالهلاك كان
من الداخل ومن الخارج لأن العفونة التي في الداخل أيضاً سببت الشقاق والفساد
داخلهم. وهم هنا مشبهون بالقش والحشيش في الخسة والضعف ولذلك يقعون في يد الله
ويحترقون ويصير مجدهم أي زهرهم كغبار.
آية (25) من
اجل ذلك حمي غضب الرب على شعبه و مد يده عليه و ضربه حتى ارتعدت الجبال و صارت
جثثهم كالزبل في الأزقة مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
الله هو
الذي يجازي والحروب والمجاعات وقيام الممالك وسقوطها هو من عند الله. ممدودة
بعد = أي أن هناك مزيد من الخراب سيأتي.
الآيات (26-
30) فيرفع رآية للأمم من بعيد و يصفر لهم من أقصى الأرض فإذا هم بالعجلة يأتون
سريعا. ليس فيهم رازح و لا عاثر لا ينعسون و لا ينامون و لا تنحل حزم احقائهم و لا
تنقطع سيور أحذيتهم. الذين سهامهم مسنونة و جميع قسيهم ممدودة حوافر خيلهم تحسب
كالصوان و بكراتهم كالزوبعة.لهم زمجرة كاللبوة و يزمجرون كالشبل و يهرون و يمسكون
الفريسة و يستخلصونها و لا منقذ. يهرون عليهم في ذلك اليوم كهدير البحر فان نظر إلى
الأرض فهوذا ظلام الضيق و النور قد اظلم بسحبها
هذا وصف
للغزو الأشوري وهو رمز لغزو إبليس للنفس الخاطئة (قارن مع قول السيد المسيح عن
الروح الشرير أنه إذا ترك مكاناً وعاد ووجده مكنوساً مزيناً يعود ومعه 7 شياطين أخر
أشر منه)
يرفع
رآية = أي يدعو الجيش للحرب. يصفر = ليجمعهم. يأتون سريعاً =
للسلب والظلام = ظلام الضيق الذي يصيب النفس في داخلها. وقد سبا جيش أشور
فعلاً من يهوذا حوالي 200000 رازح = متعب. فلا متعب في جيش أشور بالرغم من
طول المسافة فهم في منتهي النشاط طمعاً في الغنيمة ولاحظ كسل أولاد الله مع أن لهم
وعود بغنائم سماوية ولهم اسلحة روحية.