تعديل

.

الأحد، 28 أكتوبر 2012

تفسير الإصحاح الثالث من سفر اشعياء النبى

الإصحاح الثالث

هم اتكلوا علي أشياء مادية مثل البشر ووفرة الخبز والماء ولذلك سينزع الله منهم كل ما اعتمدوا عليه ليخجلوا، ثانياً فإن الله أعطاهم خيرات كثيرة وعوضاً عن أن يشكروه حولوا الخيرات لإشباع شهواتهم، لذلك سيحرمهم الله منها وسينزع الله كل رجالهم فلا يتبقي سوي الأطفال يحكمونهم فيضلونهم فيخربون. وذلك ليس للإنتقام بل ليعودوا إلي الله مصدر شبعهم.
موضوع هذا الإصحاح مشابه لموضوع الإصحاح الثاني وفيه نري سوء حال الشعب في عصر إشعياء ونبوة بالمصائب الآتية عليهم. وهم بسبب تجديفهم وكبائرهم سيدّمروا بالجوع والفتن والحروب الأهلية الناتجة من قبض أناس جهلاء علي زمام الحكومة وتشويشها ونجاة الصديقين منهم من هذا العقاب وأن نسائهم بسبب خلاعتهن واهتمامهن بالزينة سيعاقبن بوقوعهن في السبي.
آية (1) فانه هوذا السيد رب الجنود ينزع من أورشليم و من يهوذا السند و الركن كل سند خبز و كل سند ماء.
نزع السند = ينزع الله ما نستند عليه لنكتشف ضعفنا بدون الله ونلجأ لله مصدر الشبع الحقيقي. فالجوع الحقيقي هو الجوع عندما لا يجد الإنسان كلمة الله (عا 8 : 11). هوذا = إشارة لقرب وقوع ذلك، وحدث هذا فعلاً فى حصار أشور ثم حصار بابل، سند خبز وسند ماء = بدل أن يستندوا علي الرب استندوا علي وفرة الخبز والماء (لذلك حرمهم إيليا ثلاث سنين ونصف سنة من المطر).
الآيات (2، 3) الجبار و رجل الحرب القاضي و النبي و العراف و الشيخ. رئيس الخمسين و المعتبر و المشير و الماهر بين الصناع و الحاذق بالرقية.
نفس المعني فالله سينزع رجال الحرب والصناعة. وحينما ينزع الحكماء والفاهمين سيحكم هذا الشعب الجهلاء والضعفاء. لقد أقام لهم الله ملوكاً عظماء كموسي وداود ولكن حين أنحرف الجميع ملوكاً وشعب أعطاهم قادة ضعفاء حتي يتعلموا أن يعودوا له ويستندوا عليه. الحاذق بالرقية = أي الذي يستخدم السحر والمعني أن الله سينزع من وسطهم السند الكاذب كما نزع السند الحقيقي من قبل (الخبز والماء والرجال). ونلاحظ أنه مع مثل هؤلاء البعيدين عن الله حين ينزع منهم الله السند يلجأون في ظلامهم للأمور الخرافية من دجالين وعرافين لتسكين مخاوفهم ولذلك حتي هؤلاء سينزعهم الله من وسطهم فلا يكون أمامهم سوي الالتجاء لله وحده.
آية (4) و اجعل صبيانا رؤساء لهم و أطفالا تتسلط عليهم.
أجعل صبياناً = ملك أحاز وعمره 20 سنة ومنسي كان عمره 12 سنة. وكان أحاز من صفاته التردد والجبن. وأطفالاً تتسلط عليهم = كان مشيرو الشعب مثل الأطفال في ضعفهم وجهلهم ويسلكون كصبيان وحين يضرب الراعي تتبدد الرعية.
آية (5) و يظلم الشعب بعضهم بعضا و الرجل صاحبه يتمرد الصبي على الشيخ و الدنيء على الشريف.
هنا نري أن الشعب سيظلم بعضه بعضاً فلا توجد قيادة حكيمة عادلة.
الآيات (6،7)إذا امسك إنسان بأخيه في بيت أبيه قائلا لك ثوب فتكون لنا رئيسا و هذا الخراب تحت يدك.
يرفع صوته في ذلك اليوم قائلا لا أكون عاصبا و في بيتي لا خبز و لا ثوب لا تجعلوني رئيس الشعب.
الآن نجد الشعب يعاني من محنة التخلي، فقد تخلي عنهم الله. ولكنهم عوضاً عن أن يلجأوا لله لجأوا للإنسان الذي ليس له سوي ثوبه أي مظهره الخارجي، فهم ما زالوا ينخدعون بالمظاهر الخارجية. وسيخزي من يتكل علي البشر. لا أكون عاصباً = أي أضمد الجراحات، هذا جزاء من يطلب مخلصاً بشرياً (مز 146 :3) وهذا الخراب تحت يدك = أي كل الخراب الذي أمامك نحن نملكك لتصلحه ولكن هذا الإنسان يستعفي من هذه المهمة كطبيب يستعفي من معالجة مريض ميئوس من شفائه ولا يريد الطبيب أن يموت المريض في يده.
الآيات (8،9) لان أورشليم عثرت و يهوذا سقطت لان لسانهما و أفعالهما ضد الرب لإغاظة عيني مجده. نظر وجوههم يشهد عليهم و هم يخبرون بخطيتهم كسدوم لا يخفونها ويل لنفوسهم لأنهم يصنعون لأنفسهم شرا.
إذاً سبب ما حدث لهم أنهم يغيظون الله. ونظر وجوهم يشهد عليهم = أي عينيهم فيها وقاحة وبلا ندم مثل أهل سدوم. وعدم الندم علي الخطية هو مصيبة في نظر الله والأصعب أنهم لا يخفونها، هنا نري فقدان الحياء إذ يخبرون بخطيبتهم. ولكن يمكن فهمها بأن لكل خطية علامات تظهر علي الوجه وتشوهه، هي بصمات الخطية وحرمانهم من عمل النعمة فيهم.
الآيات (10 ،11) قولوا للصديق خير لأنهم يأكلون ثمر أفعالهم. ويل للشرير شر لان مجازاة يديه تعمل به.
للصديق خير = فالله لا ينسي القلة الأمينة، كما نجا لوط فالله لا ينسي تعب المحبة. إذاً فالصديق سيكون بمأمن من هذا العقاب.
آية (12) شعبي ظالموه أولاد و نساء يتسلطن عليه يا شعبي مرشدوك مضلون و يبلعون طريق مسالكك.
ملوك يهوذا الأخيرين منسي ملك وعمره 12 سنة وأمون 22 سنة ويوشيا 8 سنين (كان استثناء إذ كان قديساً) ويهوياكين 18 سنة وصدقيا 21 سنة والكل كانوا أشراراً. وليس هذا فقط فكل المشيرين والحكماء كالأطفال ونساء يتسلطن عليه = قد تعني أن حكامهم تحت سلطة نساء شريرات أو نساء شريرات يحكمن عليهم كما حدث مع إيزابل وعثليا (وإيزابل تسلطت علي أخاب) ومرشدوك = أي الأنبياء وكان هناك أنبياء كذبة كثيرين. "وإن كان النور الذي فيك ظلاماً فالظلام كم يكون" (مت 6 : 23)
آية (13) قد انتصب الرب للمخاصمة و هو قائم لدينونة الشعوب.
الله لا يسكت علي الشر كثيرا.
آية (14) الرب يدخل في المحاكمة مع شيوخ شعبه و رؤسائهم و انتم قد أكلتم الكرم سلب البائس في بيوتكم.
الله يحاسب الرؤساء أولا. سَلبُ البائس في بيوتكم = لا تقدرون أن تنكروا. فما سرقتموه من البؤساء هو فى بيوتكم.
آية (15) ما لكم تسحقون شعبي و تطحنون وجوه البائسين يقول السيد رب الجنود.
الله يقيم نفسه محامياً ومدافعاً عن المظلومين.
الآيات (16 - 24) و قال الرب من اجل أن بنات صهيون يتشامخن و يمشين ممدودات الأعناق و غامزات بعيونهن و خاطرات في مشيهن و يخشخشن بأرجلهن. يصلع السيد هامة بنات صهيون و يعري الرب عورتهن. ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل و الضفائر و الأهلة. و الحلق و الأساور و البراقع. و العصائب و السلاسل و المناطق و حناجر الشمامات و الاحراز. و الخواتم و خزائم الأنف. و الثياب المزخرفة و العطف و الأردية و الأكياس. و المرائي و القمصان و العمائم و الأزر. فيكون عوض الطيب عفونة و عوض المنطقة حبل و عوض الجدائل قرعة و عوض الديباج زنار مسح و عوض الجمال كي.
يتشامخن = في آباحية وكبرياء (قارن مع اتي 2 :9) واهتمام النساء بالزينة المبالغ فيها له مضار
1) هوضار أمام الفقيرات.
2) قد يدفع هذا الأزواج لظلم الفقراء للحصول علي المال.
3) علي هؤلاء النسوة آن يهتموا برأي الله فيهن عوضاً عن الاهتمام برأي الناس.
ملحوظة: أسماء الملبوسات المستخدمة هنا مع الزينة المذكورة ليست عبرانية وهذا دليل أن نساء صهيون أردن أن يقلدن الأجنبيات (يلبسن حسب الموضة). أما أولاد الله الذين يبررهم الله فيلبسون ثياباً بيض. وهذا ما يجب أن يهتم به الناس أن يلبسوا المسيح ليتبرروا عوضاً عن لبس آخر موضة ليرضوا الناس.
غامزات بعيونهن = علامة الفساد لجذب الرجال. وهذه الخلاعة تشبهن فيها بالأمم يخشخشن = وضع خلاخيل (موضة تلك الأيام) ولاحظ أن هذه الموضة صارت بلا معني الآن. مرائي = ملابس شفافة.
يٌصلع = الشعر تاج المرأة فالله سيجعلها قبيحة حتي تعود له بالتوبة فيستر عليها فيكون عوض الطيب عفونة = في السبي عملن كجواري فاحت منهن رائحة العرق. والطيب هو رائحة المسيح الزكية التي يجب أن تفوح منا فإن تركناه تفوح رائحة الخطية العفنة. عوض الجمال كي = الكي علامة العبودية وهذه العبودية نتيجة الخطية إن لم نقدم أعضائنا آلات بر، نُسبَي ونستعبد للخطية. عوض المنطقة حبل = الحبل يربطن به لسحبهن للسبي كذليلات.
الآيات (25،26) رجالك يسقطون بالسيف و أبطالك في الحرب. فتئن و تنوح أبوابها و هي فارغة تجلس على الأرض.
تنوح أبوابها وهي فارغة = أبواب المدن القديمة كانت لمرور أهل المدينة، منها يخرجون ويدخلون، وكانت مكاناً للجلوس والكلام. أيضاً كان القضاة يجلسون عند الأبواب للمحاكمات. والنبوءة بأن أبواب أورشليم تصير فارغة تدل علي سقوط الهيئة الاجتماعية كلها.
وتجلس علي الأرض = هنا نري أورشليم وهي مشبهة بإمرأة قد إنحطت إلي آخر درجة من الهوان والفقر وقد سك الإمبراطور فسباسيانوس مسكوكاً تذكاراً لافتتاح أورشليم وعليه صورة امرأة حزينة جالسة إلي الأرض وتحت الصورة كتابة ترجمتها "يهودية مسبية".

0 التعليقات:

إرسال تعليق